اختيار الدكتور الأنصاري النيداني أفضل شخصية مؤثرة في عام 2025-جريدة الراصد٢٤

بقلم: محمد عبد المجيد هندي

مؤسس

ورئيس المجلس القومي للعمال والفلاحين تحت التأسيس

في ظل التحديات التي تعصف بالأمة، وفي عالمٍ تغلبت عليه المصالح الشخصية والمادية، تبقى القيم الوطنية والانتماء إلى الوطن هما الدرع الواقية التي تحمي الإنسان من الضياع في بحر الفوضى. من هنا، يصبح الحديث عن "ميثاق الشرف والانتماء الوطني" أكثر من مجرد كلمات تُقال، بل هو التزام حياتي ومسؤولية جماعية نتشارك فيها جميعًا من أجل مصلحة الوطن.

إن مفهوم "ميثاق الشرف والانتماء الوطني" ليس مجرد تصريح عابر أو شعارات تُرفع في المناسبات، بل هو عهدٌ يجب أن نلتزمه جميعًا، لا فرق بين عامل وفلاح، أو مسؤول ومواطن، أو شاب وكهل. إنه الأساس الذي يبني الوطن، ويُعزز من قوته ومناعته. ولذلك، فإنه يجب أن يكون الميثاق خاليًا من أي زيف أو تلاعب، شفافًا وواضحًا، يحدد واجبات كل فرد نحو وطنه، ويُبرز الحقوق التي يستحقها المواطن بكل فئاته.

الفصل الأول: ميثاق الشرف: القيم والمبادئ الأساسية

الميثاق هو مجموعة من القيم والمبادئ التي تُحدد طبيعة العلاقة بين الفرد ووطنه، وبين الفرد والمؤسسات التي تدير شؤون الدولة. وهذا الميثاق يجب أن يكون محمولًا على أكتافنا جميعًا؛ سواء كنا في مواقع السلطة أو كنا جزءًا من الطبقات العاملة التي تمثل العمود الفقري للمجتمع. والمبادئ الأساسية لهذا الميثاق يجب أن تكون:

1. العدالة والمساواة

يجب أن يتحقق العدل في كل مناحي الحياة، ويجب أن تسود المساواة بين المواطنين مهما كانت خلفياتهم الاجتماعية أو السياسية. فالأمر لا يتعلق بالمنصب أو الثروة، بل بالقدرة على العمل بجد وإخلاص لخدمة الوطن.

2. الشفافية والمحاسبة

لا مجال للفساد أو التلاعب في التعامل مع قضايا الوطن والمواطنين. يجب أن يكون كل قرار يتم اتخاذه في المصلحة العامة، وأن تكون جميع الإجراءات قابلة للمراجعة من قبل الشعب، سواء من خلال وسائل الإعلام أو من خلال الرقابة الشعبية.

3. العمل الجماعي والتضامن

لا يمكن بناء وطن قوي إلا من خلال تضافر الجهود والعمل المشترك بين جميع فئات المجتمع. من لا يشعر بالمسؤولية تجاه وطنه لا يحق له أن يطالب بحقوقه. نضال العمال والفلاحين يجب أن يتكامل مع دور كل فرد آخر في المجتمع من أجل بناء دولة قوية ذات سيادة.

4. التعليم والتثقيف

لا يمكن أن نبني مستقبلًا مشرقًا إلا من خلال تعليم الأجيال القادمة. لذلك، يجب أن يكون التعليم جزءًا أساسيًا من ميثاق الشرف الوطني. فالتعليم هو السلاح الأقوى الذي يحارب الجهل والفقر ويُعزز من تقدم الأمة.

الفصل الثاني: الانتماء الوطني: مسؤولية فردية وجماعية

الانتماء الوطني ليس مجرد شعور بالحب تجاه الوطن، بل هو التزام كامل بالدفاع عن مصالح الوطن، والعمل على تطويره ورفع شأنه بين الأمم. والانتماء يعني أن نكون مستعدين للعمل على تحقيق المصلحة العامة، حتى وإن كانت تلك المصلحة تتطلب التضحية في بعض الأحيان.

يجب على كل فرد من أفراد المجتمع أن يتحمل جزءًا من المسؤولية تجاه وطنه. هذه المسؤولية تشمل:

1. المشاركة الفاعلة في الحياة العامة

لا يجوز لأحد أن يظل في موقف المتفرج، فالوطن بحاجة إلى كل فرد من أفراده لكي يساهم في بناء الحاضر والمستقبل. والمشاركة لا تقتصر على الانتخابات فقط، بل تشمل كافة المجالات من العمل والإنتاج إلى الإصلاحات الاجتماعية والسياسية.

2. حماية الحقوق والحريات

يجب أن يكون لدينا الوعي الكامل بأن حماية الحقوق والحريات الأساسية هو جزء لا يتجزأ من الانتماء الوطني. المواطن الذي لا يحترم حقوق الآخرين أو يتجاهل الحريات العامة لا يمكن أن يُعتبر منتمياً للوطن بالشكل الصحيح.

3. الاستثمار في الموارد البشرية

من واجبنا أن نستثمر في أنفسنا، وأن نُعزز من مهاراتنا ومعرفتنا، لتكون أيدينا العاملة قادرة على البناء والتطوير. وهذه هي مسؤولية كل فرد في المجتمع، خاصة في عالمٍ يتسم بالتنافسية المتزايدة.

الفصل الثالث: نحو ميثاق شرف عمالي ووطني

من واجبنا كعمال وفلاحين أن نكون حراسًا لهذا الميثاق، وأن نُكون نموذجًا يحتذى به في النضال الوطني. لا يمكن أن نكون مُدافعين عن حقوقنا دون أن نكون في الوقت نفسه حماة للمصلحة العامة. علينا أن نكون المثال الذي يُحتذى به في التضحية والصبر، وفي السعي المستمر لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة في كافة المجالات.

الميثاق العمالي الذي نحتاجه يجب أن يكون:

1. ميثاقًا يشمل الحقوق والواجبات

يجب أن يكون لدينا ميثاق واضح يحدد حقوق العمال والفلاحين في ظل الدولة الحديثة، كما يحدد واجباتهم تجاه الوطن. على رأس هذه الحقوق يأتي الحق في العمل اللائق، الأجر العادل، الرعاية الصحية والتعليم.

2. ميثاقًا يُعزز من الوحدة الوطنية

لا يمكن أن نكون جزءًا من وطن واحد إذا كانت هناك فجوات بيننا. الوحدة الوطنية هي أساس أي تقدم حقيقي، ويجب أن نعمل جميعًا على تعزيزها بعيدًا عن أي تفرقة أو نزاع.

3. ميثاقًا يسعى إلى النهوض بالاقتصاد الوطني

في النهاية، جميعنا نسعى إلى وطن قوي اقتصاديًا، وهذه القوة لا تتحقق إلا من خلال التوسع في الإنتاج، تطوير الصناعات المحلية، وتعزيز القدرة على التنافس في الأسواق العالمية.

الخاتمة: عهدٌ للمستقبل

إن هذا الميثاق هو عهدٌ جماعي يجب أن نلتزم به جميعًا، لأن الوطن ليس ملكًا لأحد بعينه، بل هو ملك لكل من عاش فيه وعايش تاريخه. نحن مطالبون بأن نضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وأن نعمل بكل قوة وإخلاص من أجل رفعته. إن ميثاق الشرف والانتماء الوطني ليس مجرد كلمات تُقال، بل هو عمل يومي وممارسات حقيقية تُترجم إلى واقع يعيش فيه الجميع بكرامة وعدالة.