جريدة الراصد تهنئ أولاد الأنصارى بمناسبة خطوبة نجلهم جريده الراصد24

 القواعد الصفية والقوانين الصفية: نحو بيئة تعلم منضبطة ومحفزة

بقلم الدكتور إبراهيم ابوالمجد 

المقدمة

تُعدّ إدارة الصف من الركائز الأساسية لنجاح العملية التعليمية، فهي الإطار الذي يضمن انضباط الطلاب وتفاعلهم الإيجابي مع أنشطة التعلم. ومن أهم أدوات الإدارة الصفية الفعالة القواعد الصفية والقوانين الصفية، وهما مفهومان متقاطعان في المعنى، لكن بينهما فروق تربوية دقيقة تؤثر بعمق في طبيعة العلاقة بين المعلم وطلابه، وفي المناخ العام داخل الصف..

 أولًا: مفهوم القواعد الصفية

القواعد الصفية هي مجموعة من التوجيهات الإيجابية التي تنظم سلوك الطلاب داخل الصف وتوجههم نحو ما ينبغي فعله، لا ما يُمنع عنه. وغالبًا ما تُبنى هذه القواعد بالتعاون بين المعلم والطلاب لتصبح اتفاقًا جماعيًا يعزز روح المسؤولية والانتماء.

ومن أمثلتها:

* نستمع باحترام عندما يتحدث الآخرون.

* نحافظ على ترتيب المقاعد ونظافة المكان.

* نشارك بفعالية في الأنشطة التعليمية.

إن الصياغة الإيجابية للقواعد الصفية تنمّي في الطالب الوعي الذاتي والانضباط الداخلي، وتُسهم في بناء بيئة صفية قائمة على الاحترام والتعاون.

---

ثانيًا: مفهوم القوانين الصفية

القوانين الصفية هي مجموعة من التعليمات الصريحة التي تحدد ما هو مسموح وما هو ممنوع داخل الصف، وتُقرن عادة بإجراءات محددة للمكافأة أو العقوبة بحسب درجة الالتزام بها.

ومن أمثلتها:

* يُمنع استخدام الهاتف أثناء الحصة.

* لا يُسمح بالخروج من الصف دون إذن.

القوانين الصفية ضرورية للحفاظ على النظام وضبط السلوك، خاصة في المواقف التي تتطلب وضوحًا في الإجراءات. غير أن الإفراط في استخدامها قد يؤدي إلى انضباط شكلي لا ينبع من قناعة داخلية لدى الطالب، ما يجعل أثرها مؤقتًا وضعيفًا تربويًا.

ثالثًا: الفروق التربوية بين القواعد والقوانين

تتسم القواعد الصفية بأنها توجيهية وبنّاءة، تُصاغ بلغة إيجابية تشجع الطالب على الالتزام والسلوك السليم، وتركز على تنمية الشعور بالمسؤولية الذاتية والانضباط الداخلي. أما القوانين الصفية فطابعها إلزامي، تُصاغ بلغة ناهية أو آمرة، وتهدف إلى ضبط السلوك الخارجي للطلاب وضمان احترام النظام العام داخل الصف.

القواعد تُبنى بالمشاركة بين المعلم والطلاب، مما يعزز الشعور بالانتماء، بينما تُفرض القوانين عادة من قِبل المعلم أو الإدارة لضمان الانضباط العام. ولذلك يمكن القول إن القواعد تنمّي الانضباط الذاتي، في حين تحقق القوانين الانضباط الخارجي.

 رابعًا: التكامل بين القواعد والقوانين

لا يُقصد بالمقارنة إلغاء أحد المفهومين لصالح الآخر، بل إيجاد توازن وتكامل بينهما. فالقواعد الصفية تُبنى لغرس السلوك الإيجابي وتعزيز المسؤولية، بينما تُفعّل القوانين عند الحاجة لضبط المخالفات.

والمعلم الناجح هو من يجمع بين الحزم والمرونة، فيبني علاقة قائمة على الثقة والاحترام، دون أن يفقد هيبته أو سلطته التربوية داخل الصف.

خامسًا: الأسس التربوية لصياغة القواعد الصفية

ينبغي عند إعداد القواعد الصفية مراعاة مجموعة من الأسس التربوية المهمة، من أبرزها:

1. المشاركة: إشراك الطلاب في وضع القواعد يعزز التزامهم بها.

2. الإيجابية: تُصاغ القواعد بأسلوب إيجابي يحفز على الفعل بدل النهي.

3. الوضوح: يجب أن تكون القواعد محددة ومفهومة لجميع الطلاب.

4. العدالة: تُطبّق القواعد على الجميع دون استثناء.

5. المتابعة: مراجعة القواعد دوريًا وتذكير الطلاب بها بأسلوب بنّاء.

 سادسًا: الأثر التربوي للقواعد والقوانين الصفية

تسهم القواعد والقوانين الصفية في بناء شخصية الطالب المتزنة والمنضبطة، فهي تُنمّي فيه روح المسؤولية واحترام النظام، وتُشجعه على ضبط سلوكه ذاتيًا. كما تُعزّز القيم التعاونية بين الطلاب وتُهيئ بيئة صفية يسودها الأمن النفسي والاحترام المتبادل، مما يزيد من دافعية الطلاب نحو التعلم والمشاركة.

 الخاتمة

إن بناء بيئة صفية ناجحة لا يتحقق بالعقوبات وحدها، ولا بالتساهل المطلق، بل بالتوازن بين القواعد التي تُربّي والقوانين التي تُنظّم. وعندما تُدار هذه المنظومة بروح تربوية إيجابية قائمة على الشراكة والاحترام، يتحول الصف إلى مجتمع تعلم راقٍ يسوده النظام والانضباط والمسؤولية الجماعية، فتتحقق الأهداف التعليمية والتربوية بأعلى مستوياتها.

د.ابراهيم ابوالمجد 

الأمين العام المساعد السابق لجامعة الأزهر للوجه القبلي