الفريق أسامة ربيع يبحث سبل التعاون المشترك مع سفير تايلاند في مجال الخدمات البحرية -جريدة الراصد٢٤

بقلم: حسام كامل

في مثل هذه الأيام من العام الماضي أطل على منظومة التعليم المصرية وزير جديد، وذلك في إطار تغيير وزاري جديد، وبعد حلف اليمين الدستورية بدأ الوزير الجديد في مباشرة مهامه بجولات شبه يومية في مدارس الجمهورية، وذلك كما قيل حينها للتعر ف على مشاكل التعليم والمعلمين على أرض الواقع، ومحاولة علاجها بما يعود بالنفع على جميع أطراف العملية التعليمية واستبشر الجميع خيراً بتلك الجولات والتصريحات وإن كان هناك من يعيب على الوزير الجديد قيامه بتلك الجولات في أيام الجمعة والسبت وهو ما يعتبر أيام إجازة رسمية لكافة المصالح الحكومية، ولكن طالما هناك مصلحة للوطن والمواطنين " والمعلمون جزء منهم" فلا يوجد هناك أي مشاكل ولتخرس كل الأصوات المعترضة على تلك الزيارات، وانتظرت جموع المواطنين نتائج تلك الزيارات، ولكن جاءت نتيجة الثانوية العامة وما حدث فيها من تعديلات وتضاربات لتلقي بظل بسيط من الشك على ما سيفعله هذا الوزير في أول مشكلة بل وأخطر مشكلة تواجه أي وزير في بداية عمله، ولكن مرت تلك الأزمة بسلام واستمر الوزير في جولاته الميدانية، وفي يوم 13/8/2024 دعى الوزير لمؤتمر صحفي بحضور السيد رئيس الوزراء لعرض مشروعه الجديد لتطوير التعليم والعملية التعليمية، وبدأ باستعراض المواد التي يتم تدريسها في التعليم المصري وعلى وجه الخصوص في مرحلة الثانوية العامة، ثم قام بإلقاء قنبلته التي انفجرت في وجوه الجميع بإعلانه تحويل بعض المواد الأساسية لمواد غير مضافة للمجموع، تخفيفاً عن كاهل أولياء الأمور ، وكالعادة خرجت الأبواق تهلل بعبقرية الوزير وتسبح بحمده ومجده وتعلنها صريحة أن ما قام به الوزير سيقضي على بعبع الثانوية العامة وستصيب أباطرة الدروس الخصوصية في مقتل ولكن ماذا حدث؟لا شئ بل توحش أصحاب المواد الأخرى غير المهمشة وزادوا في قيمة ما يتقاضونه من الطلاب في الدروس الخصوصية.

من ضمن المواد التي أعلن الوزير تهميشها أو إلغاؤها هي اللغات الأجنبية الثانية، وتلك اللغات منذ سنين طويلة وهي تدرس في التعليم المصري ، بناء على اتفاقيات دولية وكان من المقرر تدريسها هذا العام في الصف الأول الإعدادي ولكن جاء الوزير وقام بجرة قلم بإلغاء تلك الاتفاقيات، وكل هذا في غياب البرلمان، وبدون العودة لآراء خبراء التعليم وأساتذة الجامعات، وبدون الرجوع أيضاً لكل من سيمسهم مستقبلاً هذا القرار في كافة المجالات سواء مجالات سياسية أو سياحية أو اقتصادية بل وأيضاً في المجالات العسكرية، وبعد عودة البرلمان للإنعقاد تواترت الأخبار بوجود نقاشات ومناقشات بين النواب على مختلف أطيافهم وبين لجان المجلس المختلفة من ناحية وبين الوزير ونوابه ومؤيديه من جهة أخرى، وقام معلمو اللغة الأجنبيةالثانية بتقديم الطلبات والالتماسات لكل من يهمه الأمر أو من قد يساهم في حل تلك المشكلة التي تؤثر على حاضر ومستقبل الوطن بكل الوسائل، بل وقام بعض أساتذة الجامعات بالمطالبة بالغاء هذا القرار لما له من تأثير سلبي على أقسام اللغات بكليات اللغات بالجامعات المصرية، وبعد الكثير من الوعود بعودة اللغة مرة أخرى للمجموع أو تعديل القرار، خرج علينا الوزير برؤية جديدة لهيكلة الثانوية العامة بمشروع جديد لتطوير التعليم وأطلق عليه مشروع البكالوريا، حيث ينص هذا القانون على تدريس اللغات الأجنبية في الثانوية العامة في مرحلة واحدة من المراحل الثلاث إجبارياً وفي باقي المراحل اختيارياً بينها وبين مواد أخرى تدرس باللغة العربية، وهذا وإن كان ظاهره من قبله استجابة للآراء المطالبة بعودتها للمجموع بعد أن ظهرت آثارها السلبية في عدم اهتمام الطلبة بتلك اللغات بل وامتد التأثير إلى تهاون الطلبة في دراسة واستذكار بقية المواد.

إن ما قام به الوزير من قرار تهميش لبعض المواد لم يراعي عند اتخاذه البعد الاقتصادي للمعلمين حيث أصبح الكثير منهم بدون عمل بالمدارس، وتم تحويل البعض منهم لأعمال إدارية وهم الذين لايفقهون كيفية العمل بها، مما جعل هناك بطالة مقنعة بالمدارس، وهناك عجز صارخ في بعض المواد، وكان الوزير يرغب في تحويل معلمي تلك اللغات حسبما قال إلى معلمين للمواد الأخرى لسد العجز فيها، ورغم النداءات المتكررة من كافة أطياف المجتمع سواء المشتغلين بالعملية التعليمية أو من هم خارجها بضرورة وأهمية عودة دراسة اللغة الأجنبية الثانية للمجموع، إلا أن سيادة الوزير يصم أذنيه عن تلك النداءات، وكأن هناك ثأر مبيت بينه وبين هؤلاء المعلمين، وخاصة بعد أن خرجت علينا وسائل إعلام محلية وعالمية ومحامين بتقارير تفيد عدم حصول الوزير على أي شهادة معتمدة أو معنرف بها في مصر إلا شهادة الإعدادية العامة مما يلقي بكثير من ظلال الشك حول أهلية هذا الوزير لتولي منصبه.

وبعد أن ثارت ضجة كثيرة من نواب الشعب ضد هذا الوزير وتعنته ضد معلمي اللغة الثانية وعدم استجابته لصوت العقل والمنطق، فإن الأنظار الآن تتجه لمناقشات البرلمان ولجانه المختصة لأخذ القرار النهائي في هذا المشروع ورفع التقرير النهائي للسيد رئيس الجمهورية لاتخاذ القرار الصحيح بما يتفق مع مصلحة المجتمع والحفاظ على السلم والأمن المجتمعي، وبما يضمن عدم الإخلال بالمصلحة العليا للبلاد والاتفاقيات الدولية التي قام هذا الوزير بمحوها بجرة قلم، وكأنه يقول للجميع أنا أقوى من أكبر قيادة في الدولة وكلمتي هي التي تسري على الجميع، فهل ينتصر الرئيس لصوت العقل والمنطق وآراء المختصين أم ينجح الوزير في فرض رأيه على الجميع؟