مركز شباب دهروط يطلق دورة تدريبية في صيانة الإلكترونيات لتعزيز مهارات شباب مغاغة _جربدة الراصد24

تغطية خاصة من القاهرة الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر 

بعيون كلن كانت نجمة، بس هي كانت شايفة شي تاني، شايفة صرخة، شايفة إصرار، شايفة رحِلة طويلة حوّلتها من فكرة بسيطة بمخيلتها لأنثى واقفة بثقة بالنص، وبالعدسة، وبالصوت، وبالسجادة الحمراء، وبالإبداع، واقفة بكل أناقة على ساحة Los Angeles Movie Awards عم تحمل بإيدها شهادة "Honorable Mention" عن فيلمها "سخمت"، وعيونا بتحكي قصة تانية: مش بس جائزة، هيدا كان إعلان رسمي عن ولادة اسم سينمائي حرّ، جريء، شرس، اسمو إيمي سوزي، امرأة واحدة بلعب دور المنتج والمخرج والكاتب، وعم بتفرد حضورها العالمي بحرفية مش مألوفة، وجرأة ما بتنتسى.

ما بقا فينا نحكي عن إنجاز إيمي بدون ما نحكي عن الفيلم نفسه، لأنو "سخمت" ما كان مجرد شريط سينمائي، ولا تجربة فنية عابرة، هيدا كان انفجار جمالي وفلسفي وثقافي من العيار الثقيل، مبني على شخصية الآلهة المصرية القديمة سخمت يلي كانت تمثل الغضب، الشفاء، الانتقام، والتحول، بس بعيون إيمي، تحوّلت سخمت لامرأة معاصرة، مشبعة بالأسى، بالكرامة، وبالألم العميق يلي بيحملوه ملايين النساء، إيمي كتبت الفيلم بلغة عميقة، رمزية، حاربت فيها التفاهة والتسليع، وكمخرجة، زرعت مشاهد مدهشة بتكوينها البصري، وبالتحكم الدقيق بإيقاع السرد، أما كمنتجة، فكانت الدينامو يلي اشتغل بعزم ما بيهتز، لتوصل هيدا العمل للمشهد العالمي من بابو العريض، بدون وسطاء، بدون "شلل"، وبدون تنازلات.

إطلالة إيمي على السجادة الحمرا كانت رسالة بحد ذاتها، فستان نبيذي طويل مشقوق من الأمام بستايل راقٍ جدًا، بيجمع بين النعومة والإثارة، ومكياج ناعم لكن حاضر بقوة، شعرها الذهبي المنسدل أعطاها هالة بتشبّه الإلهات، بس مش إلهة خيالية، إلهة من لحم ودم عم بتقاتل، وعم تربح، طلتها كلها كانت أشبه بإعلان تمرد راقٍ، صامت وبيصرخ، على كل الصيغ النمطية عن شكل "النجمة" أو "المخرجة"، ومشيها الواثق عالسجاد، كان رد مباشر لكل من حاول يقلّل من قيمتها أو يعتبرها "هاوية" أو "مبتدئة"، لأ، إيمي ما كانت هاوية، كانت بطلة فيلم واقعي عنوانه: "كيف بتخلق مجدك بإيدك؟"

والجائزة؟ البعض بشوفها ورقة بتتعلق عالحايط، بس الحقيقة إنو "Honorable Mention" من مهرجان كبير بحجم Los Angeles Movie Awards هو تكريم مش بس لإيمي كمخرجة ومنتجة وكاتبة، بل كموقف، كصوت أنثوي صادق، كمشروع فني مختلف ما خاف يعرّي الألم، ما خاف يقدّم شخصية مش سهلة الهضم، شخصية مش تجارية، مش mainstream، إيمي انتصرت لأنو قررت تحكي بلغتها، مش بلغة السوق، ولأنها آمنت إنو السينما مش بس وسيلة ترفيه، بل ساحة معركة ثقافية بتقرّر مين بيسمع، ومين بينسكت.

"سخمت" اليوم عم يتنقل بين عيون النقاد واهتمامات المهرجانات الدولية، وعم يخلق حول اسم إيمي سوزي موجة من الفضول والإعجاب، في كتار عم يسألوا: كيف امرأة بهيدا العمر والمسيرة بتقدر تكتب، تخرج، وتنتج عمل بهالضخامة الفكرية والرمزية، والجواب بيختصر بجملة: لأنو إيمي مش بس فنانة… إيمي صاحبة مشروع. صاحبة رؤية، ووجه من وجوه السينما النسوية يلي ما بدها تبقى بصندوق "المرأة المستضعفة" بل عم تقول "أنا امرأة قوية، مش لأنو المجتمع عطاني القوة، بل لأنو أنا خلقت قوية."

وإذا بدنا نحكي عن الرسائل يلي حملها الفيلم، منقدر نقول إنو "سخمت" ما كان بيحكي عن الماضي، بل عن الحاضر الغاضب، عن نساء اليوم، عن أجسادن، عن أرواحن، عن كفاحن مع القهر الذكوري، مع القيود النفسية والاجتماعية، عن لعبة الخضوع والمواجهة، عن الموت البطيء يلي بيمرّ عبر الصمت، والبعث العظيم يلي بيجي لما ترفع رأسها وتقول: "كفى"، هيدا الفيلم بيحكي عن إعادة تعريف الأنوثة، عن كسر التابوهات، عن المحبة الغاضبة، وعن الخوف يلي صار سلاح بدل ما يكون ضعف.

بالمحصلة، إيمي سوزي مش فلاش على السجادة الحمرا، ولا اسم عابر بمهرجان عالمي، هي بداية تيار، بداية تمرد فني مكتوب بأنامل أنثوية بس بعقل ثوري، وبقلب مليان حكايات بدها تنقال، و"سخمت" ما رح يكون الأخير، لأنو يلي بيقدر يحوّل أسطورة قديمة لفيلم حديث بيحرّك القلوب والعقول، بيقدر يكمل، وينافس، ويصنع مدرسة سينمائية مستقلة، حقيقية، مش مسطّحة، وبتخلي كل مشاهد يسأل: وين كانت هالصوت من قبل؟