جريدة الراصد تهنئ أولاد الأنصارى بمناسبة خطوبة نجلهم جريده الراصد24

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وإمتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي أن ذهاب بركة الثمرة عن أهلها بسبب نقص إيمانهم، ويأبى الله تعالى إلا أن يجعل تحقيق الإيمان سببا لفتح البركات من السماء والأرض، حيث تربو البركة في الأعمار والذرية والثمار والأرزاق والأوقات، وذلك بقدر ما تعمر القلوب بالإيمان والجوارح بالأعمال الصالحة، وهذه سنة ماضية الله تعالى في خلقه لا تتبدل ولا تتخلف، وفي الضد تنقص الثمرة بنقص ذلك فتنزع بركتها في الزروع والنخيل وفي الأشجار، والله يبتلي العباد بهذه الأمور ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون " 

ونقص من الأموال والأنفس الثمرات " حيث إبتلاهم مع الجدب بذهاب ثمارهم وغلاتهم إلا القليل، ولعل ذلك بسبب ما وقع من ضعف الإيمان، وظهور الأمور المخالفة للشرع من عدة أوجه وكثرة الذنوب والمعاصي، ولقد ختم الله "لعلهم يذكرون " أي عظة لهم وتذكيرا لهم، لينزجروا عن مخالفتهم لشرع ربهم، ويفزعوا إليه بالتوبة، ويقول رجاء بن حيوة الكندي يأتي على الناس زمان لا تحمل النخلة فيه إلا تمرة ويجمع لهم من ولقد علمنا من حال من سلف ما كان البركة في الثمرات والأوقات ما لا يجمع لمن بعدهم بما رزقوا من قوة في إيمانهم وتقواهم، وينبغي للمرء أن يتفقد الصدق في قلبه كما يتفقد الزراع فسيلة النخل وهذا وجه آخر من أوجه الشبه يدلل على ثراء هذا المعنى عند السلف رحمة االله عليهم يقول مالك بن دينار إن الصدق يبدو في القلب ضعيفا كما يبدو نبات النخلة. 

يبدو غصنا واحدا، فإذا نتفها صبي ذهب أصلها، وإن أكلتها عنز ذهب أصلها، فتسقى فتنتشر، وتسقى فتنتشر، حتى يكون لها أصل أصيل يوطأ، وظل يستظل به، وثمرة يؤكل منها، كذلك الصدق يبدو في القلب ضعيفا فيتفقده صاحبه، ويزيده الله تعالى، ويتفقده صاحبه فيزيده الله حتى يجعله االله بركة على نفسه، ويكون كلامه دواء للخاطئين، وقال على بن عبد الحميد سمعت السري يقول القلوب ثلاثة، قلب مثل الجبل لا يزيله شيء، وقلب مثل النخلة أصلها ثابت والريح تميلها، وقلب كالريشة يميل مع الريح يمينا وشمالا، وقال أقوى القوة غلبتك نفسك، ومن عجز عن أدب نفسه كان عن أدب غيره أعجز، ومن أطاع من فوقه أطاعه من دونه، وقال لا تصرم أخاك على ارتياب، ولا تدعه دون إستعتاب، ومن علامة المعرفة بالله القيام بحقوق الله، وإيثاره على النفس فيما أمكنت فيه القدرة. 

ومن علامة الإستدراج العمى عن عيوب النفس ومن قلة الصدق كثرة الخطأ، أكل المعلم بين الطلاب، والحاكم بين الرعية، في حديث الباب دليل على جواز أكل المعلم بين طلابه أو الحاكم بين رعيته، أو من له ولاية عليهم، وليس في ذلك حطة من قدره، ولا منقصة من فضله، وأن ذلك من التواضع الله، والذلة على المؤمنين، وفيه أيضا من التبسط للناس وهو أدعى لزوال الوحشة بينهم، وأنه من آداب المؤمنين، وأخلاق المرسلين، وقال ابن بطال وفي الحديث أكل النبي صلى الله عليه وسلم بحضرة القوم، ولقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال "إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله أكلة أو أكلتين، أو لقمة أو لقمتين، فإنه ولي حره وعلاجه " فإذا كان الشرع قد رغب في الأكل مع الخادم والمملوك والعيال، فالأكل مع أهل العلم أولى، أسوة حسنة. 

فهو أشد الناس تواضعا وخفضا وللمؤمنين فيه صلى الله عليه وسلم للجناح، ورحمة بأصحابه، كان يمشي في حاجة الوليدة السوداء، وكان يركب الحمار، ولما فقد خادمة المسجد حزن وقصد قبرها فصلى عليها، وكان يباسط الفقراء والمساكين، ويخالط الأعراب لأجل تعليمهم وإرشادهم، ويسلم على الصبيان، وكان متواضعا في طعامه وهيئته ومسكنه، يأكل على الأرض، ويفترش الحصير، ويتوسد الرمل، ليس له حاجب يمنع الناس عنه، وبالجملة فقد كانت حاله كحال المساكين المتواضعين المتذللين ليست كحال الملوك الجبارين المتغطرسين.